الأخبارتحليل العملات الرقميه

مشاريع بلوكتشين في الشرق الأوسط جاهزة لقيادة الصناعة العالمية

بينما نسمع في كثير من الأحيان عن الاعتماد السريع للعملات المشفرة في الغرب، إلا أنع غالبًا ما يتم إغفال عددٍ من دول الشرق الأوسط – مثل البحرين والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وذلك على الرغم من أخذها خطوات كبيرة عندما يتعلق الأمر بإنشاء أطر تنظيمية موجهة نحو الاستخدام الأمثل لهذه الفئة من الأصول المزدهرة.

فعلى سبيل المثال، كشف تقرير حديث صادر عن آسيا تايمز أن دولة الإمارات العربية المتحدة هي واحدة من الدول القليلة في العالم التي ركزت الحكومة المحلية بشكل خاص على الترويج لاستخدام العملات المشفرة. وفي هذا الصدد، يمكننا أن نرى أنه خلال الربع الأول من عام ٢٠١٩، تمكنت شركات بلوكتشين الناشئة في الإمارات العربية المتحدة من جمع ما مجموعه ٢١٠ ملايين دولار – وبذلك وٌضعت الدولة الخليجية على رأس قائمة أفضل ١٠ مبيعات توكنات في العالم، بل وتجاوزت دول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن دولة الإمارات العربية المتحدة لم تٌدرّج في هذه القائمة سابقًا، مما يثبت أن موجة العملات المشفرة الحديثة المنتشرة في جميع أنحاء الشرق الأوسط هي ظاهرة حديثة.

وفي نفس الوقت، تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة قد انزلقت الآن من المركز الأول إلى السادس في قائمة تمويل العملات المشفرة المذكورة أعلاه، وذلك لأن المشرعين في البلاد تبنوا موقفًا مربكًا إلى حدٍ ما تجاه صناعة الأصول الرقمية ككل. وحول هذا الموضوع، يميل أليكس بيلاو، الرئيس التنفيذي لشركة كوين سكدجول، إلى الاتفاق مع الفكرة القائلة بأنه بسبب عددٍ من المخاوف التنظيمية، فإن المزيد والمزيد من الشركات تبتعد عن الولايات المتحدة لصالح مناطق أكثر ضيافة مثل جزر كايمان وسنغافورة، إلخ.

وليس ذلك فحسب، بل أشار بيلاو أيضًا إلى أنه نظرًا للنهج الثقيل الذي تبنته بلدان مثل الصين والهند تجاه أسواق العملات المشفرة المحلية، يبدو أن الشرق الأوسط مهيأ الآن لقيادة الطريق لتبني العملات المشفرة عبر آسيا.

أخيرًا، وفقًا للتقارير، تحاول مؤسسة إيثريوم مؤخرًا شق طريقها إلى سوق العملات البديلة بالخليج من خلال التعاون مع خبراء ماليين. وإذا نجحت، يمكن أن تساعد المنظمة في إقامه شراكات مع شركات العملات المشفرة الأخرى في المستقبل القريب.

التطورات البارزة التي تستحق تسليط الضوء عليها

كما يعلم قرائنا المعتادون، قامت البحرين بالكثير من التحركات ” تحت الرادار” المواتية للعملات المشفرة منذ بداية عام ٢٠١٩ – مع إدخال الهيئة المصرفية المركزية في البلاد إطارًا اقتصاديًا في وقت سابق من شهر فبراير والذي يغطي مجموعة من القواعد المتعلقة بمجال الأصول الرقمية. وفيما يتعلق بهذا التطور الأخير، نُقل عن خالد حمد، المدير التنفيذي لبنك البحرين المركزي (CBB)، قوله:

“إن تطبيق مصرف البحرين المركزي للقواعد المتعلقة بأصول العملات المشفرة يتماشى مع هدفه المتمثل في تطوير قواعد شاملة للنظام الإيكولوجي لقطاع التكنولوجيا المالية الذي يدعم مكانة البحرين كمركز مالي رائد في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”

وبالإضافة إلى ذلك، شاركت الحكومة البحرينية أيضًا في مشروع تجريبي مشترك للعملات المشفرة إلى جانب المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وذلك للمساعدة في زيادة الوعي المحلي بتكنولوجيا بلوكتشين بالإضافة إلى جعل المدفوعات عبر الحدود بين هذه الدول أكثر بساطة وخالية من المتاعب.

وعلى نفس المنوال، فإن المملكة العربية السعودية هي دولة أخرى تستخدم أيضًا تقنية بلوكتشين لتسهيل تحويلاتها النقدية الدولية. فعلى سبيل المثال، وفقًا للإعلان الذي أصدره البنك السعودي البريطاني (SABB) في بداية هذا العام، عقدت المؤسسة المالية شراكة مع شركة بلوكتشين ريبل في كاليفورنيا لإطلاق خدمة تحويل فورية عبر الحدود لعملائها. وليس ذلك فحسب، حتى مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) تستخدم نظام التحويلات القائم على أساس بلوكتشين لتسهيل المعاملات بين مختلف البنوك الموجودة داخل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

شركات بلوكتشين الناشئة تستهدف النخبة في الخليج

وفي ظاهرة أخرى حديثة يبدو أنها تجذب الانتباه، تتجه كيانات العملات المشفرة المشهورة نحو الشرق الأوسط من أجل الحصول على استثمارات لمشاريعها المتصورة. فعلى سبيل المثال، ظهر مؤخرًا أن مؤسسة إيثريوم كانت تتعاون مع خبراء ماليين من الخليج العربي من أجل إبراز مدى توافق نظام بلوكتشين الإيكولوجي الخاص بها مع القواعد واللوائح الإسلامية الحالية – خاصةً الشريعة.

وربما تكون هذه هي المرة الأولى التي تتخذ فيها مؤسسة للعملات المشفرة ذات اسم كبير مثل هذه الخطوة لتأمين استثمار واسع النطاق من النخبة المالية في المنطقة. وحول هذا الموضوع، نُقل عن رئيس المشاريع الخاصة لمؤسسة إيثريوم، فيرجيل غريفيث، قوله:

“مهمتي هي الاستمرار في البحث عن فرص الأعمال. ربما لن يحدث شيء. ولكن هناك حالة افتراضية حيث يمكن لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، على سبيل المثال، استثمار تريليون دولار [في مشاريع إيثريوم]، والتي ستكون بمثابة نعمة حقيقية. وهذا سيكون رائعًا.”

وليس ذلك فحسب، فهناك أيضًا شركات مثل “داتا غانبو” ومقرها هيوستن والتي نجحت في إنشاء منصة بلوكتشين كخدمة (BaaS) التي تستخدمها الآن العديد من شركات الحفر البحرية الموجودة في منطقة الخليج. حيث تمكنت “داتا غانبو” من خلال جولة تمويل الأسهم من الفئة “أ” من جمع مبلغ كبير بلغ ٦ ملايين دولار من الشركة السعودية الوطنية للبترول والغاز الطبيعي “أرامكو السعودية” وشركة إكوينور الرائدة في مجال الطاقة النرويجية.

وفي محادثة أيضًا مع كوينتيليغراف، صرح ماثيو ج. مارتن، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة بلوسوم فاينانس قائلًا:

“يجذب مركز دبي المالي العالمي (DIFC) العديد من المشاريع المثيرة للاهتمام مع مركز التكنولوجيا المالية الخاص به. ونظرًا لأن شركات مركز دبي المالي العالمي مسموح لها بملكية أجنبية بنسبة ١٠٠٪، فهي خيار قوي للعديد من الفرق الدولية التي تبحث عن اختصاصها الأساسي، أو كقاعدة أساسية لدعم العمليات على المستوى الإقليمي. وكان الاستحواذ على شركة “سوق” من أمازون بمثابة إثبات كبير على إمكانات الخروج للمستثمرين، وهذا من المرجح أن يزيد من حجم رأس المال الاستثماري الذي يتدفق. فمع الدعم القوي من القطاع العام لمشاريع بلوكتشين التي نشهدها في الإمارات العربية المتحدة، من المحتمل أن يختار عدد أكبر من الفرق الدولية الدمج مع مركز دبي المالي العالمي.”

وتجدر الإشارة إلى أن هناك قضية شاملة تواجهها صناعة النفط والغاز في الخليج حاليًا في شكل تضارب في البيانات. وذلك لأن القياسات المتخصصة المتعلقة بالوزن والسرعة ووقت التسليم والحجم، وما إلى ذلك للنفط الخام يتم تفسيرها بشكل مختلف من قبل مختلف المشغلين ومقدمي الخدمات والموردين. ولا ينتج عن هذا تأخير ملموس فيما يتعلق بالعمل فحسب، بل يؤدي أيضًا إلى نزاعات كبيرة في الدفع بين جميع الأطراف الأعضاء.

تعمل منصة “داتا غانبو” المذكورة أعلاه على تقليل هذه المشكلات إلى الحد الأدنى من خلال استخدام شبكة بلوكتشن كخدمة وتكنولوجيا العقود الذكية الخاصة بها، لأنها تتيح للشركات المشاركة الحصول على حسابات تلقائية على بنود فواتيرها في الوقت الفعلي. وهذا يتيح للمعاملات الهامة أن تتم بطريقة شفافة. وفيما يتعلق بالإمكانات المستقبلية لمنصة “داتا غانبو” التي تدعم بلوكتشين كخدمة، أشار المدير التنفيذي للشركة، أندرو بروس، قائلًا:

“لقد نجحنا في تمكين أول تطبيق لتقنية بلوكتشين في صناعة الحفر البحرية وسنواصل فتح آفاق جديدة مع تطبيقات بلوكتشين كخدمة لتحسين النتيجة النهائية للشركات من جميع الأحجام. وسوف يكون لبلوكتشين تأثير كبير على صناعة النفط والغاز – وجميع الصناعات العالمية – وسنتولى المسؤولية في اعتمادها على نطاق واسع لإجراء تحسينات تشغيلية شاملة.”

المزيد من حالات الاستخدام

أدنوك: تعاونت شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، وهي أكبر شركة نفط في الإمارات العربية المتحدة، مع شركة آي بي إم مؤخرًا في ابتكار نظام آلي جديد قائم على أساس بلوكتشين لمراقبة القيم المالية لكل معاملة تتم بين أعضائها العاملين. بالإضافة إلى ذلك، تم بناء النظام الأساسي الجديد على هايبرليدجر وهو يستفيد من تقنية الحوسبة السحابية الأصلية من آي بي إم.

إس آند بي غلوبال بلاتس: أصدرت شركة معلومات الطاقة والسلع ذات الشهرة العالمية مؤخرًا مدونة تعلن عن قرارها بإنشاء شبكة بلوكتشين من شأنها أن تسمح للمشاركين في السوق بتزويد منطقة الفجيرة لصناعة النفط (FOIZ) بتقارير مخزون أسبوعية حول تخزين النفط بطريقة مبسطة للغاية. وتمتلك شركة الفجيرة لصناعة النفط حاليًا لقب “كونها أكبر منطقة تخزين تجارية في الشرق الأوسط للمنتجات النفطية المكررة”.

بنك أبوظبي الوطني: قام بنك أبوظبي الوطني (NBAD) بتوقيع اتفاقية مع ريبل في عام ٢٠١٧ من أجل الاستفادة من العروض المختلفة التي تقدمها الشركة. والهدف الكامل من هذا الاستثمار لبنك أبوظبي الوطني هو تبسيط معاملاته النقدية وجعل المدفوعات الدولية أكثر سهولة لعملائه.

العوائق المحتملة

على الرغم من ظهور عدد من مشاريع بلوكتشين الجديدة في جميع أنحاء الشرق الأوسط خلال العام الماضي أو نحو ذلك، لا تزال هناك العديد من الحواجز التي تمنع العديد من الشركات الغربية من الاستفادة من هذا القطاع غير المستغل من السوق. بادئ ذي بدء، تمنع مسألة الامتثال للشريعة العديد من الشركات ذات الأسماء الكبيرة من الوصول إلى سوق بقيمة ٣,٤ تريليونات دولار لمجرد أن بروتوكولاتها التشغيلية لا تلتزم بالقانون الإسلامي الحالي. ولكن الأمر ليس كما لو أن دول الخليج مثل المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة ليست مهتمة بالاستفادة من تقنية بلوكتشين، ففي العام الماضي فقط، أعلن ولي عهد دبي أن المدينة ستنشر مجموعة نظام إدارة قائم على بلوكتشين بحلول عام ٢٠٢٠ من شأنه أن يسمح للحكومة المحلية برقمنة الهوية والضرائب وتفاصيل التسجيل لمواطنيها، وسيتم تخزين البيانات على شبكة بلوكتشين.

ذات صلة: من قطر إلى فلسطين: كيف يتم تنظيم العملات المشفرة في الشرق الأوسط

ومع ذلك، ما زال القطاع المصرفي الإسلامي عمومًا متمسكًا برأيه المتشكك في بلوكتشين لأن معظم المؤسسات المالية العاملة داخل المنطقة تلتزم ببعض التقاليد القديمة التي تتعارض بشكل مباشر مع طريقة عمل البنوك الغربية. فعلى سبيل المثال، يحظر القانون الشرعي إقراض الأموال باستخدام نموذج سعر الفائدة الثابت (الربا) – وهي ممارسة شائعة تستخدمها العديد من البنوك في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، نظرًا لأن العملات المشفرة وبلوكتشين يستفيدان من إطار ملكية مجزأ، فمن الممكن إقراض المال بطريقة ملائمة مع الطريقة الإسلامية لإنجاح الأمر.

وبالطريقة نفسها، تحظر الشريعة أيضًا المعاملات النقدية الغامضة بطبيعتها (أي الصفقات التي ليس لها حدود قانونية محددة). وفي هذا الصدد، يمكن أن تكون العقود الذكية مفيدة للغاية، لأنها تحدد بوضوح شروط وأحكام التبادل المحدد مسبقًا – وبالتالي لا تترك مجالًا لعدم اليقين في المستقبل.

الخلاصة

مع استمرار تطور اقتصاد العملات المشفرة العالمي، يبدو أن اللاعبين المعروفين مثل مؤسسة إيثريوم وريبل سيواصلون محاولة الدخول إلى سوق الخليج بسبب الإمكانيات النقدية المذهلة التي يوفرها. وقد تواصل كوينتيليغراف مؤخرًا مع عاطف يعقوب – الشريك التنفيذي في UKP Assets – والذي يعتقد أنه مع تقدمنا ​​في المستقبل، سيبدأ الشرق الأوسط في لعب دور متزايد في تشكيل المشهد الرقمي للعملات. ووفقًا ليعقوب:

“بينما تتحرك دول الخليج للتنويع من اقتصاداتها القائمة على النفط، فهناك دافع كبير في الاستثمار في التكنولوجيا. وكان هناك اهتمام كبير بشركات بلوكتشين والعملات المشفرة على مستوى الدولة والقطاع الخاص.”

وبالمثل، وبينما أدلى بدلوه حول موضوع تواصُل الشركات الأجنبية مع دول الخليج من أجل العلاقات والشراكات والمال، أضاف:

يوفر الخليج فرص نمو غير مستغلة ومدخل إلى المنطقة ككل. والسعي للحصول على شهادة الشريعة الإسلامية لشبكة ما، مثلما تفعل إيثريوم، تزيل العديد من الحواجز أمام الدخول. وهذا يوسع حالات الاستخدام وكذلك الجمهور.”

وأخيرًا وليس آخرًا، مع دخول عملة ليبرا من فيسبوك إلى سوق العملات البديلة في المستقبل القريب، سيكون من المثير للاهتمام كيف ينتشر اعتماد العملات المشفرة في جميع أنحاء الشرق الأوسط – خاصة بالنظر إلى أن موقع الوسائل الاجتماعية لديه أكثر من ٢٦٥,٤ مليون مستخدم نشط منتشرين في جميع أنحاء المنطقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock