العملات الرقميهالمميزات

هل تشكل العملات الرقمية تهديداً على المؤسسات المالية

اذا ما كنت تتساءل عما إذا كانت العملات الرقمية تهدد المؤسسات المالية، فأنت لست الوحيد. ففي بعض القطاعات، لا سيما التمويل، لا تزال تتحول بسرعة إلى موضوع اليوم. فلا يجب عليك أن تكون خريج كلية هارفارد لكي ترى أنه ليس فقط الروبوت والذكاء الصطناعي يثيرون الحيرة في الأنفس. فهناك أيضاً تكنولوجيا البلوكشين تدوي بكل قوة.

ولكن عند الحديث عن مواضيع مثل التداولات الفورية واللامركزية وأتمتة الثقة فهل يغدو الأمر فرصة أم تهديد؟ وكيف يمكن التفريق بينهما؟

فتقريباً مثل أي من الأمور المحيطة بعالم العملات الرقمية، الأمر يعتمد على من تتحدث معه حول الموضوع. ووفقاً لأليكس بويلو المؤسس المشارك والمدير التنفيذي لموقع Coinschedule.com، أحد أكبر بوابات عمليات دعم العملات الأولية، فلا حاجة لقلقكم أيها مصرفيون. وصرح:

“يقول عدد من المتشددين أن البيتكوين ستنهي النظام المصرفي المعمول به حالياً، ولكن العقلانيين من الناس يدركون أن باستطاعة كلا النظامين التعايش سوياً. فهم مثل Microsoft Windows وLinux”

والسؤال هنا هل هذا يعني أنه لن يتسنى لشخص توسط ثورة العملات الرقمية وآخر ساهم بعمليات التعدين وغيرهم من المتحمسين لهذه التكنولجيا أن يروا أعمالهم تسهم بقلب النظام الإقتصادي الشرير؟ حيث يعترف بويلو قائلاً :

“لقد حاولنا إدارة الإمور دون بنك. إلا أن الأمر ليس عملياً. فلا يقبل الجميع بالعملات الرقمية، كما أن هناك تقلب بالأسعار. وفي رأيي لا يمكنك استبدال النظام المصرفي، على الأقل في المستقبل القريب”

قضي الأمر إذاً. ولكن… ماذا عن المستقبل الذي لا نراه؟ فقد يشكل مسألة مختلفة.

يقول كولين لوتشي، نائب رئيس تطوير الأعمال في منصة Uphold :

إن العملات الرقمية، ولأول مرة تشكل تهديداً خطيراً وكبيراً على المؤسسات المالية ،لإنه قد تم وضع تطبيقات التكنولوجيا المالية في حيز التنفيذ. كما أننا بدأنا الآن نرى نظم المدفوعات والنظم الايكولوجية تتعايش خارج البنية التحتية القائمة حالياً وهي ( بطاقة الائتمان ،وحسابات الودائع, الخ) … وكل هذا عن طريق ايجاد سبل ابتكارية للاستخدام عبر الحدود دون وجود البنوك“.

ولأولئك الذين لا يعرفون، فإن Uphold هي منصة عملات رقمية متعدد الاغراض، والتي تدعم أكثر من 30 عملة منوعة بين عملات رقمية ونقدية. إذاً، في حين كان لوتشي محقاً، فإن العملات الرقمية والتكنولوجيا ورائها قد تعرقل عمل البنوك، مسببة بذلك بانتهاء أجل المؤسسات المالية كما نعرفها الآن. وبناءاً على ذلك فإن بنك أمريكا بالتأكيد سيحظى بالقليل من الليالي بلا نوم. ولكن ما الذي يشغلهم؟ نقص الابتكار؟ تكلفة تحديث التكنولوجيا الحالية، أم عدم الرغبة في التكيف؟ ولعل الجواب يكمن بالجمع بين هذه الأمور.

يمكنك الرهان على أن بنك أمريكا وغيرها من المؤسسات التي تبلغ كلفتها مليارات الدولارات لن تأخذ الأمور بهذه البساطة. فمع عدد من ألمع العقول، من المرجح أنهم سيجدون طريقة للتكيّف وإثبات مساواتهم في نظام لم يعد يحتاج إلى السلطات المركزية. ولكن من الأفضل أن يمضوا قدماً. فسيكون هناك فائزون وخاسرون في هذا السباق.

حيث تقدم Bitbull Capital البحوث والأفكار لدخول أسواق العملات الرقمية. وقد صرحت الرئيسة التنفيذية للعمليات سارة بيرجستراند، قائدة مجموعة العقول الفذة التي تتباحث بشأن مستقبل التمويل:

“هذا لن يشكل تهديداً للمؤسسات المالية التي ستكافح ضدها. وما من شك في أن ذلك سيعيد تشكيل العالم المالي كما نعرفه اليوم. ولكن المؤسسات المعرفية بدأت باعتماد هذه التقنية وتستخدمها لتخفيض التكاليف بدلاً من محاولة الخلاص منها”

كما أن معظم البنوك الأخرى لن تغفل عن مثل هذه الأمور. فهم يعملون على ضد التهديدات والتحديات التكنولوجية. فمنذ انتشار ماكينات الصرف الآلي والانترنت وشركات التكنولوجيا المالية الناشئة، تملك هذه الشركات تاريخ طويل بمحاولة المحافظة على الصلات حتى قبل ظهور البيتكوين. وبدئاً من شركات رأس المال الإستثماري وصولاً لصناديق التحوط وعمليات الاندماج والاستحواذ، فهم لا يتعامون عن التهديد المتنامي لجيش المهووسين والمتسللين.

مثال على ذلك: استحوذت شركة جولدمان زاكس Circle على Poloniex بمبلغ 400 مليون دولار، مما يجعله أول تحرك في فضاء العملات الرقمية. كما أن شركة IBM، والتي تمتلك تاريخاً حافلاً بالابتكار، قد خطت بالفعل عدة خطوات للمضي قدماً في مشروع Hyperledger. كما ستنشئ الريبل أيضاً عملات لها في عدة بنوك لتجريب تكنولوجيا البلوكشين هذه.

هناك أشياء لا يستطيع المال شرائها. ولكن يوجد لكل شئ اخر هناك عملة رقمية. غير أن جميع المؤسسات المالية لم ولن تكون بمنزلة متساوية كما وضح رئيس Coinschedule، فقال: ” إن الأمر يعتمد عن أي مؤسسة مالية تتحدث“. حيث ستكون شركات بطاقات الائتمان فيزا وماستركارد أول من سيشعر بمرارة الأمر.

ويقول :-

“اذا كنت تتحدث عن شركة لبطاقة الائتمان، فاعتقد ان الأمر سيشكل تهديداً عليها حيث أنها هي الوسيط. فهي تسمح لك بصرف المال وتتقاضى رسوماً منك ومن البائع لإتمام عملية التداول – أما مع العملات الرقمية فلن تحتاج إلى ذلك“.

كما وقد توقع جيف فولك، مدير منصات الدفع لشركة CO-OP المقدمة للخدمات المالية ،صورة قاتمة للمستقبل .فقال:

لست متأكداً من أن العملات الرقمية تشكل تهديداً على المؤسسات المالية بوجه عام. ولكنها من المؤكد أنها تشكل تحدياً الدفع القائم على فيزا وماستركارد، وكذلك على أي سلطة مصرفية مركزية، مثل نظام الاحتياطي الفدرالي في الولايات المتحدة“.

وإذا ما صرفنا النظر عن العملات الرقمية، فإن شركات بطاقات الائتمان قد سجلت بالفعل تراجعاً سريعاً في عالم الدفع الالكتروني. وبحلول عام 2021، وفقا لما ذكرته WorldPay فإن أكثر من نصف جميع المعاملات الإلكترونية ستتم من خلال طرق بديلة للدفع. وستشمل تلك التحويلات المصرفية الإلكترونية والبطاقات المدفوعة مسبقاً.

يقول اندرو هاملتون، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Coupit: “نحن نمر الآن بمنعطف حاسم فيما يتعلق بالعملات الرقمية … حيث يمكن أن تتسبب بانتهاء بعض المؤسسات المالية، ولكننا نعتقد أنه على المدى الطويل سوف تصبح العملات الرقمية معيار الذهب للقطاع المالي” .

وعلى الأرجح، فإن النظام المالي العالمي لن يكون له أي خيار آخر سوى الانتقال إلى البلوكشين. حيث أنه سيكون من الغباء جداً مقاومة تقنية توفر أكفأ طريقة لتصريف الأمور. ومن المحتمل أننا سنرى تحولاً كبيراً في المستقبل القريب وعلى المدى الطويل. ولكن هل سيكون هذا الحدث هو بمثابة نهاية البنوك؟ هذا الأمر غير محتمل.

فما زال الوقت مبكراً لمثل هذا، و برأي بويلو :” كيف يمكن لأي شخص عاقل أن يقول إننا لن نحتاج إلى البنوك بعد الآن“. أما بالنسبة للعملات النقدية بشكل عام؟ حسناً، هذه مسألة أخرى سنتطرق لها لاحقاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock